على هامش مؤتمر السّلم: د. المهدي محي الدين

على هامش مؤتمر السّلم:
د. المهدي محي الدين
اسمحولي أيُّها السادة والسيدات أن أدخل صلب الموضوع دون مُقدّمات. لقد كان من المفترض أن يُقام هذا المؤتمر داخل قطاع غزة أو سوريا أو السودان أو شمال مالي لكن أراد القائمون عليه أن يُقام في موريتانيا بعيدا عن قلب الصراع.
يُقام هذا المؤتمر ونحنُ ما زلنا نلملمُ جرحنا في غزة ولمّا ينتهي بعدُ إخراج ضحايا العدوان الصهيوني من تحت الأنقاض… يُقام هذا المؤتمر بعد إزهاق أرواح أكثر من 70 ألف مسلم وذلك بعد سنة من هجوم الطائرات والصواريخ، واستخدام أنواع الأسلحة المرعبة.
سيّداتي سادتي، لا يخفى عليكم أن العالم أجمع حبس أنفاسه خلال سنة 2024، لمتابعة الآلة الصهيونية وهي تسلخُ جلود الأطفال والنساء، وتعبث بالمساجد والمصلّيات وتقتلع الأشجار، وتهدم الدور على ساكنيها.. ونحن وراء الشاشات نتابع شلال الدماء.
سيّداتي سادتي إن جرائم الإبادة في عصرنا الحديث تتربّع الولايات المتحدة على عرشه بلا منازع فقد أزهقت أرواح أكثر من 120 مليون إنسان من الهنود الحمر، وأقامت مختلف الإبادات الثقافية والجنسية بحق السكان الأصليين المسالمين، الذين لم يشاركوا في قتل أحد، يُقتلون عبر أنواع الجراثيم الخبيثة التي تُقدّم لهم على شكل مساعدات الغذائية وأغطية وأفرشة محقونة بالسموم. كلُّ هذا من أجل إعادة توطين المهاجرين الأوروبيين، تماما مثل ما يُفعلُ في فلسطين اليوم.
حضرات المستمعين .. إن الفلسطينيين لم يأتوا إلى أرضهم مهاجرين، بل هم سُكَّان أصليون استوطنوا المنطقة من عهد الكنعانيين سنة: 1200 ق. م، وظلوا فيها حتى يوم الناس هذا، وما زالوا متشبّثين بها، ويُدافعون عنها بشتى الطرق الممكنة، وإن الشرائع السماوية وقوانين العالم تُجمع على شرعية الدفاع عن النفس بمختلف الوسائل الممكنة والمتاحة.
حضرات المستمعين. إن من يُريد السّلم عليه أن يستعدّ للحرب، فلا يُمكن أن يتحقّق سلم على جثث الضحايا، ولا يمكن أن يتحقّق استقرارٌ في العالم وما زالت تسيل قطرة من الدم في فلسطين أو غيرها، وإن العُقلاء اليوم مطالبون قبل أي وقت مضى بإرغام العدو الصهيوني على أن يكفّ أياديه عن مشاريع الظلم التي يبيّتُ للفلسطينيين.
سيّداتي وسادتي لا يخفى عليكم ما يحدثُ من ظلم وقتل وتشريد في السودان، وقد طالت أزمتهم، وإن على الذين يدعمون أطراف النزاع أن يكفوا أيديهم عن سفك دماء السودانيين.
منطقة أزواد ملتهبة هي الأخرى وعلى الجيش المالي الذي يعبث بأرواح الأبرياء ويقتل الناس على الحدود الشرقية الموريتانية أن يكفّ مجرميه عن القتل على الهوية والسحنة .. آلاف العرب والفولان والتوارگ يقتلون بسبب مطالبتهم بحقوقهم الوطنية المشروعة.
في الصحراء الغربية يعبث المغرب بالصحراويين ويقتلهم بالطائرات دون طيار، ويسفك دماءهم منذ نصف قرن لا لشيء غير أنهم تشبّثوا بأرض أجدادهم. إن هذا الظلم آن الوقت أن يتوقف، وآن للظالم أن يعي خطورة جرائمه.
أخيرا أرجو أن يكون من توصيات هذا المؤتمر المطالبة باقتياد مجرمي الحرب في فلسطين والسودان ومالي إلى المحاكم الدولية، والعمل على تعزيز الأمن وضمانه للأمم المستضعفة والمقهورة حول العالم. وأن نستلهم دروس السّلم والحرب من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نعي خطورة المشاريع الغربية التي تعمل جاهدة على تفكيك مجتمعاتنا الإسلامية بمختلف الأساليب.